تقرير يرصد تداعيات الحصار على حقوق الإنسان في قطاع غزة خلال عام 2013
الحصار حكاية لا تنتهي بالنسبة لقطاع غزة، فقد بات جزءً من تاريخه الحديث، الصياد "محمد النجار" فقد زوجته بعد أن بات عاجزا عن الإنفاق على علاجها بسبب منعه من الصيد، وعائلة الصعيدي التي تضم أربع أسر باتت بلا مصدر دخل بعد أن صادرت قوات الاحتلال قواربها، وهنا وهناك كل يوم يطل على غزة يسجل فيه ضحايا جدد، وخسائر جديدة، وتسوء الحياة اليومية للمواطنين الفلسطينيين سواء على مستوى الاقتصاد أو الخدمات أو أوجه الحياة اليومية والإنسانية.
نحن في ( منظمة أصدقاء الإنسان الدولية في النمسا ) وبالتعاون مع مركز حماية لحقوق الإنسان قمنا برصد بعضاً من الخسائر والضحايا والتداعيات التي خلفها الحصار على القطاع خلال العام المنصرم 2013 على كافة القطاعات استنادا إلى ما جمعناه من حقائق ومستندات ووثائق من مصادرها الأصلية.
فقد بينت الإحصاءات والوثائق أن الأوضاع الاقتصادية تردت إلى مستويات غير مسبوقة، حيث ارتفعت نسبة الفقر إلى 39%في صفوف المواطنين، منهم 21% يقعون تحت تصنيف الفقر المدقع، والبطالة إلى ما يزيد عن 40%، وفقدان حوالي 170 ألف فرصة عمل في كافة القطاعات من أصل حوالي 348 ألف فرصة عمل كانت متاحة قبل الحصار. "فتحي سليم الطويل" البالغ من العمر(58)عاما وكيل شركة سيارات الـBMW في غزة بلغت خسائره مليون دولار، وفقد أكثر من 30 من العاملين بالشركة أعمالهم.
كما شهد قطاع البناء خسائر فادحة حيث توقف دخول مواد البناء بصورة شبه تامة، وتعطلت المشاريع والأعمال الإنشائية والبنية التحتية، وأغلقت كافة مصانع البناء،" 13 مصنع بلاط، 30 مصنع باطون، 145 مصنع رخام، 250 مصنع طوب"، وفقد 3000 عامل وظيفته داخل هذا القطاع وحده.
كما تراجع عدد الشاحنات الواردة للقطاع، 55833 شاحنة في العام 2013 وهي أقل مما سمح بدخوله العام الماضي 57441 من مختلف الأصناف المسموح بدخولها، كما تذبذب بشكل كبير عدد الشاحنات التي سمح بإدخالها خلال 2013من شهر لآخر وهو ما يعكس إصرار سلطات الاحتلال على استمرار سياسة الحصار وتعميق تداعياته.
ووفقاً لتقرير صادر عن إدارة المعابر في قطاع غزة فإن عشرات السلع الأساسية التي تسمح سلطات الاحتلال بإدخالها للقطاع ما تزال تمنع دخولها للقطاع من بين 257سلعة تسمح بدخولها، وإن عشرات من السلع الأخرى لا تسمح بدخول الكميات المطلوبة.
كما استمرت سلطات الاحتلال الإسرائيلي في سياستها بالحد من تصدير المنتجات الصناعية والزراعية من قطاع غزة إلى العالم الخارجي, حيث بلغ عدد الشاحنات المصدرة في العام 2013 من قطاع غزة 187 شاحنة, مقارنة مع 234 شاحنة تم تصديرها في عام 2012، وهي تقل كثيرا عما كان عليه الحال قبل الحصار.
كما واصلت السلطات المصرية إغلاق معبر رفح باستثناء الفتح الجزئي لبعض الحالات الإنسانية، حيث بلغ متوسط أعداد المغادرين 250 مسافر يوميا في أيام فتحه بينما كان أعداد المسافرين قبل قرار الإغلاق تقارب 3000 مسافر يوميا، كما حصرت المسموح لهم بالسفر فقط بأصحاب الإقامات والجوازات الأجنبية والحالات المرضية المستعجلة والطلبة.
وفي سياق متصل تقدر الخسائر التي تعرض لها قطاعي الزراعة والثروة السمكية 150 ألف دولار يوميا نتيجة عدم قدرة المزارعين على تصدير منتجاتهم بسبب الحصار، وهدم الأنفاق، وعدم سماح الاحتلال بإدخال المستلزمات الزراعية، إضافة إلى توقف التمويل في الاستثمار في القطاع الزراعي. وحسب بيانات وزارة الزراعة فان الخسائر السنوية الناجمة عن ذلك تقدر بـ 67 مليون دولار. كذلك وبحسب نقابة الصيادين فإن العاملين في مجال الصيد تحولوا جميعا إلى عاطلين عن العمل ويعيشون على المساعدات الاجتماعية، وأن الإنتاج السمكي في العام 2013 بلغ1750 طن بينما كان يبلغ لأكثر من 4000 طن قبل فرض الحصار.
كما معاناة المواطنين من الانقطاع المتكرر والمستمر للتيار الكهربائي وبشكل يومي، وما يزال نظام الكهرباء يعمل بواقع 46% تقريبا من عدد ساعات اليوم. وهو ما يترتب عليه عدم انتظام عمل محطات ضخ المياه العادمة، وتوقف المئات من آبار المياه عن العمل.
وعلى مستوى قطاع التعليم فإن 26 مدرسة قيد الإنشاء توقف العمل بها خلال العام 2013، كما توقف طرح المشاريع الجديدة للعام 2014، وتوقف العمل في ترميم 70 مختبرا. وعلى صعيد القطاع الصحي فقد توقف دخول الوفود الطبية التخصصية التي أجرت ما يقارب 1000 عملية جراحية داخل القطاع في الستة شهور الأولى من عام 2013، ونفذ %27 من مخزون العلاجات الأساسية لدى المستودع المركزي للأدوية حتى وصل حد الصفر، بينما انخفض مخزون 78 صنفًا دوائيًّا آخرا بنسبة %16 أو أكثر، وأن 120 صنف من الأدوية على وشك النفاذ، وتوقف سفر المرضى للعلاج بالخارج حيث كان يجري تحويل 1000 مريضا شهريا لمصر.
وعلى صعيد المحروقات فقد تدنى معدل دخول غاز الطهي إلى ما دون 30%، حيث تسمح سلطات الاحتلال بدخول 105طن في اليوم بصورة غير منتظمة، بينما كان يدخل للقطاع قبل الحصار 300طن بصورة منتظمة يوميا، أما على صعيد البنزين والسولار فإن احتياج قطاع غزة اليومي من السولار والبنزين ما يقارب المليون لتر، لكن سلطات الاحتلال الإسرائيلي لا تسمح إلا بدخول 35 % في المتوسط من الكميات المطلوبة.
ولمواجهة هذا الوضع المتردي فإننا في ( منظمة أصدقاء الإنسان الدولية في النمسا ) ومركز حماية لحقوق الإنسان، ندعو المجتمع الدولي للضغط على سلطات الإسرائيلية للإنهاء الفوري للحصار المفروض على قطاع غزة الذي يشكل عقوبة جماعية للسكان المدنيين كما يشكل انتهاكاً جسيماً لقواعد اتفاقية جنيف الرابعة 1949.
و نجدد مطالبتنا للجامعة العربية للعمل الجاد لتنفيذ قرارها بفك الحصار عن قطاع غزة، وتسهيل وصول كافة المساعدات الإنسانية وضمان حرية النقل والتنقل، ونطالب السلطات المصرية بفتح معبر رفح بشكل فوري أمام حركة المسافرين والبضائع وبدون أية قيود أو شروط وفقا لقواعد القانون الدولي، وندعو مجلس الأمن والجمعية العامة ومجلس حقوق الإنسان التابعين للأمم المتحدة إلى القيام بواجبهم في إنهاء حصار قطاع غزة.